رسالة لابنتي سينتيا في صبيحة عامها الدراسي الثاني
بنيتي، ها قد اهل علينا عامك الدراسي الثاني صبيحة هذا اليوم، كم كنت أتمنى أن اراك تمضين عبر ناظري تمتشقين دروب العلم تتسلحين بالمعرفة والارادة لتخطي صعاب الحياة ومكائدها.
بنيتي، كم احببت ان ارافقك في صبيحاتك هذه كما العام الماضي نتحدث قليلاً ونضحك كثيراً وارى في محياك الجميل وحركاتك البريئة ومخيلتك الواسعة ارق معاني الطفولة وغد مشرق ومن ثم انتظر الساعات ودقائقها حتى اعود اليك بعد الظهيرة وتخبريني عن ابداعات ذاك اليوم مترقبا كل كلمة تقولينها وكل حركة تقومين بها فتنالين الاثناء على الكثير منها والمنع عن بعضها، لا استطيع ان اعبر لك مدى فرحي وسروري في تلك اللحظات اليومية فاغترف ابوتي منك واشيد بك قلعة منيعة راسما واياك عالمك الخاص في تلك الحصينة.
بنيتي، ما الايمان الا بالله تبارى ذكره، الا انني اؤمن اشد الايمان بأنك تشبعت مني مبادئ الحياة رغم صغر سنك الشديد على تلك الامور، انني على يقين بأن الكثير مما اريده بك مزروع الآن في داخلك وسيظهر تباعاً مع تقدمك في مراحل الحياة واعي تماماً انك ستبنين على هذا الكثير وتبرعين به لترسمي مجدداً يوما ما منفردة هذه المرة عالمك الخاص في تلك الحصينة.
بنيتي، عودة على بدء، تساءلتي ان كنت اعلم بأن هذا يومك الاول وفي داخلك الكثير من العتب على غيابي.. قلت صراحة كيف اعلم ذلك ولا اكون موجوداً…. لم استطع ان اشرح لك السبب، ولم اجد مفردات مناسبة تدركين من خلالها معنى هجرتي القصرية عن “الوطن”، لن تدركي سبب قراري بقاءك به اليوم عكس العام الماضي، لكنني ادرك تماماً بان التساؤلات هذه لن تبقى طويلاً، فيوماً ما ستدركين السبب.
أحببت اليوم، ان اتقدم منك معتذراً عن ليلتك هذه وانت تعلمين ان الصباح سيأتي ولن اكون موجوداً احمل حقيبتك المدرسية وافتح لك باب السيارة وانا اعلم ماذا تعني لك أن افتح الباب واقول لك “تفضلي ديموازيل” وانتظر لأعود واغلقه مجدداً… بنيتي لا تحزني فألمي اكبر، علينا أن نقوم بذلك اليوم كي نستأصل الآلام من استحقاقات قادمة سوياً.
والدك رشاد فقيه
الرياض 01-10-2013